لقاء خاص مع رائدة الأعمال ليلى كردان: من الغناء إلى افتتاح مشاريع في أنحاء الإمارات

خريجة إدارة أعمال ورائدة أعمال وكاتبة أغانٍ مبدعة ومغنية وعازفة، فما الذي تعجز ليلى كردان عن فعله؟ يقال إنّ أصل الماسة قطعة فحم أبلت بلاءً حسنًا تحت الضغط، وليلى خير تجسيد لهذه الماسة! عندما توقف ضغط الحياة العملية عن مدّ روحها بالغذاء، تغيّرت نظرة ليلى إلى الحياة بطريقة جذرية. 

انضمت ليلى كردان مؤخرًا إلى نادي الأمهات، بعد إنجابها لطفلها رومي الذي أضاف بُعدًا آخر إلى خبراتها الرائعة. ترغب ليلى بينما تخوض غمار رحلة الأمومة، بتلقين ابنها الحكمة.

من إيران إلى سيدني

وُلِدت ليلى كردان لوالدين إيرانيين غادرا أرض الوطن بعد الثورة الإيرانية، ورغم أن ليلى بلجيكية المولد، إلا أنها تعتبر نفسها وبكل فخر إيرانية. تنقلت عائلتها بعد اندلاع الثورة في إيران بين دول كثيرة قبل أن تستقر أخيرًا في سيدني. وفي مرحلة الطفولة، برزت عائلتها ثقافيًا، فدائمًا ما كان أصلهم العرقي يميّزهم عن غيرهم من العائلات التي عاشوا معها. وعلى الرغم من شعور الغربة الذي رافق العائلة في كثير من الأحيان، قضت ليلى طفولة رائعة، فالتحقت بمدارس جيدة وأمضت وقتًا ممتعًا على الشاطئ. تتحدث ليلى عن طفولتها فتقول: «في سن الثامنة، انتقلنا إلى دبي وخضنا تجربة حياة مختلفة. وبعد عامين، عدنا إلى أستراليا، ما غيّر تصوري للحياة وأسهم في نضجي. أصبحت مسؤولة جدًا في سن مبكرة وكنت أعتني بأخواتي في غياب والدي. ولعلني تأخرت عن اللحاق بركب الموسيقى لهذا السبب، إلا أنني كنت دائمًا شخصًا مسؤولًا منذ صغري وأعطي الأولوية لأشياء أخرى على حساب شغفي».

تعلمت‭ ‬ليلى‭ ‬كردان‭ ‬ريادة‭ ‬الأعمال‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬مرافقة‭ ‬والدها‭ ‬رجل‭ ‬الأعمال‭ ‬إلى‭ ‬العمل‭. ‬تبدو‭ ‬عاشقة‭ ‬السفر‭ ‬ومصممة‭ ‬الأزياء‭ ‬الرائعة‭ ‬بملابس‭ ‬من‭ ‬مجموعة‭ ‬Galvan ‭ ‬، وتألقت بمجوهرات‭ ‬من‭ ‬Poison‭ ‬Drop

ليلى كردان المغنية والعازفة

أمضت ليلى كردان نحو عقد من الزمن تعمل في مؤسسة تجارية قبل الانتقال إلى مهنة بدوام كامل كعازفة ومؤدية. تتذكر ليلى أن أفكارها كانت مختلفة آنذاك، فأشارت قائلةً: «كنت ذكية وتعاطيت الأعمال التجارية من خلال مشاريع والدي. أردت أن أكون رائدة أعمال، لذلك درست إدارة الأعمال وتفوقت فيها. لم يكن الأمر بعيدًا عن شخصيتي، لكنني ضمنيًا لم أكن راضية. في مرحلة معينة، كان المجتمع يتوقع مني أن أستقر، ولكن أنّى لي أن أستقر وفي بالي أمور كثيرة أريد تحقيقها». تؤكد ليلى أنها تتشارك القصة ذاتها مع الكثير من الفتيات الآسيويات؛ فالآباء يرضخون للمجتمع الرافض للمهن الفنية كالموسيقى والتمثيل، فلا يدعمون دائمًا بناتهن للعمل في مجال الفنون. لم تشأ ليلى أن تتخاصم مع عائلتها، فاختارت العيش في دبي حيث شعرت أن كل شيء ممكن وتمسكت بحلمها. فعملت على تحسين نفسها وأخذت دورات في البرمجة اللغوية العصبية (NLP)، وزارت أماكن للتعافي الذاتي وتأملت في رغباتها الداخلية، وقد شرحت عن تلك المرحلة قائلةً: «لم أكن أشعر بالسعادة العاطفية قبل أن أجد الشجاعة لممارسة الموسيقى».

خاطرت ليلى كردان مخاطرة كبيرة حين استقدمت منتجًا موسيقيًا من السويد وسجلت أول أغنية لها. بعد ذلك، أطلقت فيديو موسيقيًا وبدأت تقدّم عروضًا موسيقية أينما سنحت لها الفرصة، حتى من دون فرقة موسيقية في البداية. وبضربة حظ مع عمل جاد، وجدت نفسها ذات ليلة تقف على أكبر المسارح!

عرض هذا المنشور على Instagram

‏‎تمت مشاركة منشور بواسطة ‏‎Layla Kardan 🧿‎‏ (@‏‎laylakardan‎‏)‎‏

لم يكن التحوّل الكبير الذي أحدثته ليلى في مسيرتها المهنية أمرًا مألوفًا، وقد فصّلت الأسباب التي قادتها إلى هذا التحوّل قائلةً: «لم يحدث ذلك بين ليلة وضحاها. بدأ كل شيء في وقتٍ لم أكن أشعر فيه أنني على ما يرام، فقد شخّص الأطباء حالتي بالاكتئاب السريري ووصفوا لي مضادات اكتئاب. لكنني في قرارة نفسي كنت أعلم أن هذه المضادات لن تحسّن من حالتي، فأنا في حينها كنت أجهل حقيقة نفسي. لذلك، حددت هدفًا وقررت أنني بحلول شهر أكتوبر، سأجمع ما يلزمني من مال وسأسافر. كنت بحاجة إلى الانفصال عن سلسلة الأحداث السيئة التي ألمّت بي وإلى فتح قلبي وعقلي على العالم واكتساب المزيد من التجارب. وضبت كل ما أملك وانطلقت في رحلة من دون توقف لمدة 16 شهرًا حول العالم. زرت جزر السيشيل وأمستردام وباريس وتايلاند… وخضت دورة تدريبية في رياضة «موياي تاي» وقمت برحلة تأمل. سافرت إلى تركيا ثم عدت إلى أستراليا لأكون مع عائلتي وأستعيد توازني. فتحت هذه الرحلة عينيّ على تجارب جديدة وفتحت قلبي لإمكانيات لا نهاية لها. ومن خلال السفر، وجدت نفسي كفنانة وبدأت العمل على مشاريع جعلتني سعيدة حقًا».

مشاريع في أنحاء الإمارات

يبدو أن السفر قد ساعد ليلى على اكتشاف شغفها الحقيقي، لكن القدر قرر التدخل، تقول: «عندما ضرب فيروس كوفيد-19 العالم، أدركت أن نكبة مالية ألمّت بمشهد العروض الغنائية الحية، لذلك كان لا بدّ من التنويع. عُرض علينا أنا وزوجي، الخبير بعالم المطاعم، افتتاح نادي جاز، لكننا فضلنا إنشاء ملهى ليلي خاص بنا أطلقنا عليه اسم  Papillonوحققنا نجاحًا كبيرًا لمدة عامين تقريبًا. بعد ذلك، خضنا غمار مجال المطاعم في أبوظبي، وافتتحنا ثلاثة أماكن: Penelope، وهو مطعم جاز فرنسي و Ella Ellaوهي ردهة يونانية و Mr. Moto وهو بار ياباني. يتولى حمدان، زوج ليلى، الأعمال في هذه الأماكن الثلاثة، فيما تشرف هي على العناصر الإبداعية. وتؤكد ليلى أنها فخورة بهذه الأماكن الثلاثة، لأنّها جميعها علامات تجارية فريدة اجتهدت وزوجها لإنشائها من الصفر. 

تتألق ليلى كردان في هذه الصورة بفستان من ‬Zimmerman،‭ ‬ و ‬بمجوهرات‭ ‬من‭ ‬Poison‭ ‬Drop

بعد فترة وجيزة، أدركت ليلى وزوجها حمدان التحدّيات المتمثلة في تحقيق التوازن بين إدارة عمل ليلي متطلب وتكوين أسرة؛ إلا أنهما نجحا في حل المسألة وتمكنا من تحقيق توازن بين هذين الجانبين المتطرفين. نجاحهما هذا، دفعهما إلى توسيع نطاق عملهما واختارا مجال العافية، فافتتحا استوديوهات Contrast Wellness التي لاقت نجاحًا كبيرًا شجع الزوجين على افتتاح فرع ثانٍ في سيتي ووك، مع خطط لافتتاح فرعين آخرين الشهر المقبل، وقد صرّحت ليلى: «نحب هذه الأعمال لأنها تهدف إلى تحسين صحة الناس وتعزز شعورهم بالرضا».

Contrast Wellness Studio، مشروع ليلى الجديد، هو مكان تلتقي فيه العافية بالروحانية. أرادت ليلى حين افتتحت هذا المكان جلب ممارسات الشفاء القديمة إلى العالم الحديث، مع التركيز على مساعدة الأعضاء على الشفاء والحفاظ على الشباب وتعزيز المناعة وإعطاء الأولوية للرفاهية؛ ليتحول إلى وجهة عافية تقدّم الهروب والشفاء والتجديد، فتكون الأكثر ملاءمة والأكثر تركيزًا على النتائج على مستوى العالم والأكثر دعمًا للعافية التحولية من خلال مساحات مزوّدة بمرافق حديثة وخبراء صحة داخليين. يوفر Contrast Wellness Studio عروضًا تستند إلى ممارسات الشفاء القديمة، وتشمل ساونا بالأشعة تحت الحمراء، وحمامات البخار، والساونا التقليدية، والحمام التبايني، والعلاج المائي، وأحواض المغنيزيوم، والحقن الوريدي. ويَعد الاستوديو العملاء بإمكانية إدراج أي من هذه العروض مع جداول أعمالهم المزدحمة ليستفيدوا من مزاياها متى أرادوا. بالإضافة إلى هذه العروض المتميزة، تؤكّد ليلى أن مراكزها في نخلة جميرا وسيتي ووك وجافي كريك هاربور توفر تمارين الاختراق البيولوجي لتحسين الحياة اليومية وزيادة أمد الحياة. وتشير رائدة الأعمال الشابة إلى فوائد العروض المتوفرة في Contrast Wellness Studio؛ فساونا الأشعة تحت الحمراء على سبيل المثال تساعد في إزالة السموم، بينما يعمل العلاج بالتباين على تحسين صحة القلب والأوعية الدموية ويقلل من التوتر والالتهاب واحتباس السوائل. وتشدد أنّ هدفها يتمثل في تقديم عروض تكون بمتناول الجميع، لتتمكن مختلف شرائح المجتمع من الاستفادة منها.

يدير‭ ‬الزوجان‭ ‬عددًا‭ ‬من‭ ‬المطاعم‭ ‬والنوادي‭ ‬الشهيرة‭ ‬في‭ ‬أبو‭ ‬ظبي،‭ ‬يتولى‭ ‬هو‭ ‬الأعمال،‭ ‬فيما‭ ‬تشرف‭ ‬هي‭ ‬على‭ ‬العناصر‭ ‬الإبداعية‭. ‬يبدو‭ ‬الزوجان‭ ‬مذهلين‭ ‬في‭ ‬أزياء‭ ‬من‭ ‬Sundanc

إلى جانب عملها في مجال العافية، تدير ليلى أيضًا وكالة ترفيه تعمل من خلالها على تنظيم الحفلات وعروض العلامات التجارية الخاصة بمجال الموضة والأزياء، وذلك بالتعاون مع مصممي رقص وراقصين عالميين. تدرك ليلى كثرة التحديات في مجال ريادة الأعمال وتتقبل تقلباتها، إلا أنها تؤكد أن طفلها يأتي دائمًا على رأس أولوياتها، وقد قالت: «إنها مسؤولية كبيرة أن أنتبه لتفاصيل هذه الأعمال كلها إلى جانب كوني أمًا. أعتقد أن شغفي هو ما يساعدني. اخترنا خوض غمار ريادة الأعمال ونحن نتفهم تقلبات هذا المجال. الأيام الصعبة تمنح الأيام الجيدة معنى أهم وأجمل. أدرك أن الحياة ليست سهلة دائمًا، ولكن الرحلة هي التي تجعلها جديرة بالاهتمام».

نقل القيم إلى الأجيال المقبلة

رزق الزوجان ليلى وحمدان بمولود أسمياه رومي. وقد تحدثت ليلى عن التغيير في ديناميكية العلاقات الشخصية، فقالت: «لقد كانت الأمومة نعمة مفاجئة، وقد أثرى رومي حياتنا. إنه صبي جميل وقوي الإرادة يجلب لنا الفرح والتحديات. تتطلب بعض الأيام الصبر، خاصة حين نُجبر على التفاوض! كان الانتقال إلى الأبوة والأمومة أمرًا صعبًا، خاصة وأن رومي وُلد قبل أوانه. الأبوة والأمومة تجربة صعبة إلا أنها تستحق العناء».

تولي ليلى كردان أهمية كبيرة لابنها رومي

بالنسبة لامرأة طموحة ومبدعة مثل ليلى، حتى السماء ببعدها لا يمكن أن تحدّ من الطموح. ففي قاموس ليلى، ثمة مجال دائم لمزيد من المشاريع، خاصةً عندما تكون مشاريع تترك إرثًا وتُنفذ بشكلٍ يأخذ صغيرها في الحسبان. تقول ليلى: «لقد أطلقنا أيضًا أغذية الأطفال رومي تيمنًا باسم صغيري. وقد شاركنا في منافسة نظمتها سبينيس، وهو برنامج حاضنات يسلط الضوء على العلامات التجارية المحلية التي تُباع في السوبرماركت. فاز طعام الأطفال رومي في المنافسة، وهذا هو الإرث الذي نبنيه. ننوي إنشاء مشاريع مجدية لها تأثير إيجابي على المجتمع، وربما تصبح إرثًا يمكن لرومي الاستمرار فيه لاحقًا إن أراد». وختمت قائلةً: «أؤمن بأهمية إعطاء ابني الخيار والحرية، أترك لابني ما أتركه وله كامل الحرية أن يتابعه إن أراد. نضع مصلحته على رأس أولوياتنا مع كل عملٍ جديد نقوم به، بينما نجتهد لإنجاح هذه الشركات وإعلاء شأنها عالميًا على أمل أن نرى اسم طفلي يعلو في مختلف في العالم».