صاحبة السمو الملكي الأميرة فخر النساء بنت رعد وحوار شيق في الفن
آخر تحديث منذ 3 أيام .
27 يونيو 2024, 12:20 GMT
في عالم تتقاطع فيه الموهبة مع الإبداع والإرث الفني، ورثت صاحبة السمو الملكي الأميرة فخر النساء بنت رعد إرثًا ثقافيًا ممتدًا وزاخرًا عن جدة ذاع صيتها في أروقة عالم الفنون. تجسد سمو الأميرة فخر النساء ارتباطًا وثيقًا بتراث أسرتها الفني.
في مقابلة حصرية تشارك الأميرة فخر النساء بنت رعد الشهيرة بـ «نيسا رعد» ابنة صاحبَي السمو الملكي الأمير رعد بن زيد الحسين والأميرة ماجدة رعد أفكارها حول رحلتها الرائعة في عالم الفنون، كاشفةً القصص التي ساعدت على صياغة هويتها وشغفها بالرسم والفنون.
تُوفيت جدتي، فخر النسا زيد، عندما كنتُ في العاشرة من العمر، لكن أعمالها تحيط بي وأشعر بوجودها عندما أرسم. قضيت معها أوقاتًا رائعة، فتنتي لوحاتها وأثرت في تجربتي التجريدية الأولى، فأنا مثلها أفضل الخطوط العريضة والألوان الغنية والنسيج المثير للاهتمام. لم تكن لوحاتها مجرد «ديكور»، بل كانت عبارة عن فن ناطق، عبّرت من خلالها عن مكنونات روحها وعن عواطفها. كانت ترسم باندفاع ودائمًا ما كنت تردد: «لن يكون عملك تحفة فنية ما لم ترَي نفسك داخل الصورة وما لم تحلَّ روحك فيها بكل وجودك.» أفتقدها اليوم وأفتقد صدقها في تقييم عملي الفني. إلا أنني أعتقد أنها كانت لتكون فخورة بي وبعملي وأسلوبي. أشعر أحيانًا أنها معي ترعاني.
كانت جدتي سيدة غريبة الأطوار ومميزة جدًا. كانت تعيدني إلى المنزل لأبدل ملابسي المملة بملابس ملونة وأكثر حيوية. كانت الألوان والسعادة وحب الحياة أمورًا أساسية في حياتها ولصحتها. أتذكر أيضًا أول جلسة رسم معها عندما كنت في السادسة من العمر تقريبًا. كنت متوترة في حينها إلا أنها قابلت توتري بالتشجيع إلى أن أنهيت لوحتي المائية الأولى. وضعتها في إطار ذهبي ضخم، أدهشني فعلها وأسعدني كثيرًا، ومُذاك الوقت بدأت أجد في الفن ملاذاً آمنًا.
على مدى السنوات الستين الماضية، عملت والدتي بلا كلل لمساعدة الفئات الأضعف. غرست في وفي إخوتي منذ صغرنا الوعي بهذه القضايا وحب العطاء. زرت في طفولتي مدرسة الأطفال من ذوي الاحتياجات الخاصة مرات كثيرة، لا أذكر أنني خرجت مرة من هناك إلا وقد تعلمت شيئًا جديدًا. اليوم أحاول قدر الإمكان المشاركة في فعاليات ومعارض خيرية فنية، خصوصًا تلك التي تعود بالفائدة على الأطفال.
أنا أردنية وعمّان هي موطني، لكني نصف سويدية من جهة أمي ولدي جذور تركية من جهة أبي، أعتقد أن هذه الخلفية المختلطة أثرت في أسلوب فني. كوني نصف شرقية ونصف غربية، أشعر أنني في موقع فريد ساعدني على فهم كِلا الجانبين ومنحني نظرة أوسع. بإمكاني أن أجسد تأثيرات من كلا الجانبين في أعمالي وأبني جسورًا فنية.
لدي صبيان في عمر المراهقة وفتاة، هم مصدر إلهامي وحافزي الأهم. عندما كانوا صغارًا، لم يكن لديّ الكثير من الوقت للفن، فالفن يحتاج إلى تفرغ. إلا أن ابتعادي عن الفن لم يطفئ الشغف داخلي، فعدتُ إلى الرسم حين كبر أولادي. لم يبدِ أي منهم اهتمامًا بالفن، فابني الأكبر قرر دراسة إدارة الأعمال. الأمر لا يزعجني إطلاقًا، أفرح حين أرى أن أولادي يختارون مسارهم الخاص ويلاحقون شغفهم. والإبداع ليس حكرًا على الفرشاة والألوان، قد يبدع المرء في حل مشاكل الحياة مثلًا! أتمنى أن يمتلك أولادي هذه القدرة!
كشابة، لم أكن متأكدة من المهنة التي أريد، لكن لطالما عشقت التاريخ. مع مرور الوقت، شعرت بانجذاب شديد للأعمال الإبداعية، وحصلت على ماجستير في تصميم المدن، وأصبحت مهووسة بمناظر المدينة وشوارعها والمساحات الحضرية، وجميع التفاصيل الصغيرة التي تشكل منزلاً أو شارعًا أو حيًا، خصوصًا في الشرق الأوسط. وهذا ما جسدته لوحاتي الأولى. استغرق الأمر سنوات حتى أقنع نفسي بأن مهنة الرسم تستحق المتابعة. والأصعب كان عرض أعمالي الفنية، ولا سيما أنني حفيدة مبدعة عظيمة في مجال الفن، وأنني كنت أجلد نفسي كفنانة، فمعظم الفنانين هم أسوأ نقاد لأنفسهم. لكن مع مرور الوقت، يعود الشخص إلى شغفه، وهذا ما فعلته. أؤمن حقًا بقول «حوّل شغفك إلى وظيفتك ولن تعمل يومًا في حياتك».
لا أتّبع عملية محددة ولا أحب أن أضغط على نفسي كثيرًا، فالمتعة هي مفتاح الإبداع. أحدهما يغذي الآخر. أحاول حقًا الاستمتاع بالعملية قدر الإمكان. التطور جزء من الرحلة الفنية وجمال الفن يكمن في الحرية، لذلك أبحث دائمًا عن تقنيات جديدة وأستوحي من أشياء مختلفة. أجد الإلهام في البيئات الحضرية والطبيعية على حد سواء. اللون، وجميع أشكال التباين والمقارنات النسيجية المثيرة للاهتمام من خلال الوسائط المختلطة هي أشياء أركز عليها في العامين الماضيين، استوحيت أكثر من الطبيعة والأشياء ذات الرمزية الثقافية والامتداد التجريدي. حاليًا يمكنني القول إن أعمالي هي أعمال تجريدية عضوية.
في عام 2017، قمت برحلة طويلة جدًا إلى جبال الهيمالايا في النيبال. كانت الجبال الشاهقة والهواء النقي والطبيعة الخلابة مصدر إلهام كبير لي. عندما تمشي مسافات طويلة تشعر بالسلام الداخلي، مُذاك الوقت، أصبحت محاولة التقاط شعور السلام الداخلي أمرًا أساسيًا في فني. كما أصبحتُ أكثر ميلًا إلى البساطة والاختزال. وباء كوفيد أثر كذلك في أعمالي حيث أمضيت ساعات طويلة في مدّة الحجر أجرب وسائل جديدة رغبةً مني في تطوير نفسي خدمةً لنفسي وليس لأي شخص أو أمر آخر.
لا تتبادر إلى ذهني ذكرى معينة، ولكن لا شيء يمنحني السلام والسعادة أكثر من الرسم في يوم ممطر من دون انقطاع مع كوب كبير من القهوة ومجموعة جديدة من أدوات الرسم. هذا هو النعيم!
شهد المشهد الفني في عمان نموًا ملحوظًا، حيث تتاح للفنانين الشباب العديد من الفرص الجديدة. فعلى مدى السنوات الأخيرة، افتُتِحت العديد من صالات العرض والمساحات الفنية الجديدة، بالإضافة إلى فعاليات فنية متنوعة تهدف إلى عرض أعمال الفنانين المعروفين أو الناشئين. كما تُؤدّي وسائل التواصل الاجتماعي دورًا مهمًا في إطلاق المواهب المحلية الجديدة، حيث تسمح لهم بالتواصل مع الناس وعرض أعمالهم. أستمتع برؤية أعمال فنية متنوعة وأساليب جديدة، وأؤيد المغامرين والمبتكرين! يجب أن يثير الفن المشاعر ويحفز الفكر، وألّا يكون مجرد زينة. يجب أن يكون نجم المكان وليس تفصيلًا جانبيًا. ولكن للأسف غالبًا ما يحوّل البعض الفن إلى عمل تجاري، ما يقتل الإبداع. لذلك أنصح الفنانين الناشئين بالحفاظ على روحهم الإبداعية الفريدة قدر الإمكان، وعدم جلد ذواتهم بالنقد اللاذع. الجرأة ضرورية، وكذلك الاختلاف والأصالة والمتعة. الفن هو تعبير عن الذات، فلا عجب إن لم يأتِ عمل الفنان حسب هوى جميع الناس.
قد يهمّك أيضًا: الملك عبدالله و الملكة رانيا يشهدان الاحتفال الوطني لليوبيل الفضي
من المدن القديمة إلى الصحاري المقمرة، توفر المناظر الطبيعية الأردنية الكثير من الإلهام للفنانين. أنا دائمًا فخورة جدًا بتمثيل الفن الأردني عندما أشارك في المعارض الفنية الدولية. إنه لأمر رائع أن نرى المزيد من الأشخاص يمثلون الفن الأردني حول العالم. وبسبب اهتمامي بتصميم المدن، وحبي العميق لعمان حيث أمضيت سنوات حياتي، أردت أن أكرّم هذه المدينة الرائعة فاستوحيت من تلالها الجميلة وتاريخها القديم وواجهاتها المعمارية الرائعة لأرسم أجمل لوحاتي. غالبًا ما يُشار إلى عمان على أنها «المدينة البيضاء»، حين كنت طفلة كنت أرى المدينة لوحة فارغة أرغب دائمًا بتلوين كل منزل من منازلها بلون مختلف. تستحق هذه المدينة فعلًا أن نحتفي بها وأن نجسد روعتها في فنوننا. اليوم، ألاحظ أن الكثير من الفنانين يستلهمون من عمان ويسيرون على نهجٍ أشعر أنني من أطلقه، وأعني به تقديم فن مرتبط بالمدن.
أنا مهتمة جدًا بالعمليات والتقنيات الفنية، وغالبًا ما يكون اكتشاف تقنية أو وسيلة جديدة هو ما يوجهني، بدلًا من اختيار موضوع معين. أتمنى يومًا ما أن أرسم بالزيوت، كما كانت تفعل جدتي. لا شيء يضاهي ثراء الألوان الزيتية. كما آمل أيضًا المشاركة في المزيد من المعارض الفنية والفعاليات في أوروبا وأمريكا وتوسيع نطاق أعمالي الفنية لتتجاوز منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
في الوقت الحالي، لا أزال أجرب الفن التجريدي. تبدو النتيجة عضوية مستمدة من النباتات تبعث في النفس شعورًا بالسلام الداخلي، وهو أمر أستمتع به. أعتقد أن هواية البستنة الجديدة تلهمني من دون وعي! أما بالنسبة إلى الخطط، فأنا آمل هذا العام أن أشارك في معرض طوكيو الدولي للفن في نوفمبر، وقد أشارك في بعض المعارض المشتركة في عمان.
المزيد من الأخبار
إليكِ كل ما نعرفه عن الأميرة للا لطيفة والدة الملك محمد السادس
الأميرة أضواء بنت يزيد آل سعود: قوة نسائية في عالم الثقافة والفنون واعتراف دولي بإسهاماتها
على ما يبدو أن هذا العام من أصعب الأعوام التي مرت على العائلة المالكة البريطانية
كل ما عليك معرفته عن الشخصية التي أعادت لـ شادويل عصره الذهبي
أميرات عربيات برزن في المجال الدبلوماسي كما مهدن الطريق للأجيال الجديدة وأرسين الأسس للنساء الدبلوماسيات اللواتي تبعنهن
هذا ما قالته الفنانة كارول سماحة عن لقائها الأول بالملك محمد السادس
اختاري الإطلالة الأجمل التي تألقت بها الملكة الأردنية هذه الفترة
شاهدي استقبال أمير قطر و الشيخة جواهر بنت حمد في هولندا
قد يهمكِ أيضاً