واكبي آخر الأخبار
اشتركي بنشرة المجلة للاطلاع على أهم أخبار الفنانين والعائلات الملكية والعروض والفعاليات في المنطقة
عند إدخال بريدك الإلكتروني فإنك توافقين على شروط الاستخدام وسياسة الخصوصية الخاصة بنا وتوافقين على استلام نشرة المجلة حول أهم الأخبار والفعاليات والعروض الترويجية للشركاء.
جذبتها أناقة الحرف العربي وانسيابيته، فتعمقت أكثر في هذا العالم وغاصت في أعماق طاقته وروحانيته
آخر تحديث منذ شهر واحد .
28 مايو 2024, 17:00 GMT
تنتمي مريم البلوشي للجيل الثالث من الخطاطين في الإمارات العربية المتحدة وقد عشقت الخط العربي مذ كانت في الثالثة من عمرها، وحتى قبل تعلمها الأبجدية. تتحدث بشاعرية رائعة حين يتحوّل الحديث إلى الخط العربي، فتقول: «الخط متنفسي وملاذي، يساعدني على تحسين حالتي المزاجية للأفضل، وتستسلم جوارحي لحالة من الاندماج والانغماس في عالم مختلف بعيدًا عن ضوضاء الحياة ومشاغلها».
جذبتها أناقة الحرف العربي وانسيابيته، فتعمقت أكثر في هذا العالم وغاصت في أعماق طاقته وروحانيته، وقد وصفت عشقها للخط العربي قائلةً: «كلما صممت لوحة من القرآن الكريم انبهرت بإعجاز الحرف العربي، وكلما كتبت قصة ورسالة واخترت الحرف العربي جملة وتفصيلًا انبهرت»، وأضافت: «للخط العربي طاقة وروحانية لا توصف، حين تندمج معه فإنك تبحر وتنتقل لعوالم أخرى تجد من خلالها المتنفس والراحة والطمأنينة والسكون».
وشاءت الظروف أن كانت الحياة أقوى من عشق مريم للخط العربي، فاضطرت للابتعاد عنه لست سنوات حصلت في خلالها على بكالوريوس في الهندسة وانخرطت في العمل التطوعي في مجال المعاقين. إلا أن عشقها للخط العربي لم ينطفئ، فالخط بالنسبة لها حالة من الحب والعشق، وعالم من الروحانية والهدوء، وحين تجده في أي ركن فإن روحها تسكن وتهدأ وتصبح في عوالم مغايرة. وفي محاولةٍ لملء النقص في داخلها، كانت تزور أماكن مزدانة بالخط العربي. وفعلًا كان شعور غريب ومختلف ينبعث في روحها خاصةّ إذا كان الخط جميلًا، يقوم على أسس واضحة ولم يتم التلاعب به، وهي في هذا الصدد تقول: «العين المدربة تستدرك الضعف بسهولة، وتشعر بالقوة والجمال منذ النظرة الأولى».
وبعد سنوات من الانقطاع، قررت مريم البلوشي أخيرًا أن تعود إلى هذا الفن مجددًا ولكن برؤية جديدة وبهدف جديد. إذ أرادت أن تصبح مصممة خط وليس خطاطة وكان قرارها هذا الدرجة الأولى في سلم إنجازاتها. ولتكون عودتها متقنة، تتلمذت وتعلّمت أسس الخط العربي على يد الخطاط العراقي محمد النوري، الذي تنسب إليه الفضل في تعليمها خط الجلي الديواني وتصفه بالداعم الأول لمسيرتها في عالم الخط، وعن أستاذها قالت: «تعلمت منه الحرية، وأن يكون لي رأيي وقراري وتصميمي الخاص. تعلمت كذلك الجرأة في اللون والأسلوب والحجم والخروج عن القوالب التقليدية المتعارف عليها. تعلمت أن الكمال المبالغ فيه يقتل روح اللوحة، ويخرجني عن أسلوبي وممارستي الخاصة».
إلى جانب أستاذها محمد النوري، تعتبر مريم الخطاط الراحل هاشم بغدادي مثلها الأعلى الذي ترك عمله أثرًا مهمًا في مسيرتها الفنية، فهو مدرسة بحد ذاته ورائدٌ في الخط العربي الحديث.
وعشق مريم البلوشي للخط العربي لا يمكن أن يبقى سرًا إذا ما اختبَر المرء ما يعتريه من مشاعر عندما يزور المساجد والقصور المزدانة بجماليته، وعندما يقع تحت سحر الحروف العربية الممزوجة بالزخرفة الإسلامية. تؤكد مريم أن التراث الإسلامي ما كان ليكتمل لولا وجود الحروف العربية، واستشهدت هنا بعواصم إسلامية شهيرة بمبانيها المزينة بالخط العربي، وبمدن أخرى اختيرت عواصم ثقافية لما تضمه من قصور زادها الخط العربي بدقته وروعته وتاريخه جمالًا، وأضاف قيمةً إلى قيمتها بفعل أعوامٍ طويلة من التصميم والعمل والتفاني.
تتقن مريم البلوشي الخط العربي، إلا أنها تفضل خط الثلث، تحبّ ليونته وسهولة تصميمه وقد قالت: «يساعدني أكثر في اختراع القصص بما يتلاءم مع أسلوبي وشخصيتي».
غالبًا ما تعتمد مريم البلوشي على القلم عند التصميم، إلا أنها تستعين بالقصبة لبدء تنفيذ المسودات وتبقى القصبة رفيقة أناملها إلى أن تكتمل اللوحة. وقد شرحت مريم الفارق بين القلم والقصبة فقالت: «للقصبة رونق يفوق رونق القلم. تُدخلني في حالة خاصة وتمنحني إحساسًا مميزًا بالحرية والنشاط فأندمج مع اللون».
قد يهمك أيضاً: الدكتورة ريم طارق المتولي: خيوط تنسج حكاية عبر الزمن
تمرّ المخطوطة بمراحل عدة قبل أن توضع لوحة فنية أمام الجمهور. وقد وصفت مريم هذه المراحل قائلةً: «الفكرة أهم مرحلة، من ثم تأتي القصة واختيار الكلمات المناسبة مرورًا بالتصميم، من ثم اختيار الورق واللون، حتى تنفيذ القالب الأساسي وصولًا للمرحلة النهائية».
وهنا تظهر التحديات! يكمن التحدي الأول في العثور على قصة ترويها من خلال لوحاتها، يليها توفير بعض الأدوات كأنواع الورق ومقاساته، إذ قد يستغرق الحصول على ورقة بحجمٍ معين لإنجاز تصميم معين أكثر من عامٍ.
تحمل لوحة زايد، التي تمّ تنفيذ 50 نسخة منها عام 2018، مقولة الشيخ زايد «الاتحاد باقٍ إلى يوم الحشر»، وهي تمثل بادرة عرفان وشكر لمؤسس دولة الإمارات العربية المتحدة الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان. تم إهداء النسخ الخمسين لحكام الإمارات، وبعض الوزراء والشخصيات المهمة في الدولة. تروي مريم اللحظة التاريخية حين التقت بالشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة خلال زيارة لمجلسه في العاصمة أبوظبي وأهدته اللوحة بالتزامن مع عام زايد وشرحت له تفاصيلها، وطلبت منه توقيع نسختها الخاصة. اليوم تقوم مريم بتنفيذ العبارة ذاتها إنما بتصميم مختلف ورؤية جديدة وأكثر احترافية
الوظيفة أيضًا تشغلها وتأخذ من طاقتها، فلا تستطيع التفرغ بشكلٍ تام لمخطوطاتها؛ فتتراكم الأفكار في رأسها والمسودات أمامها وتجد نفسها تحت ضغطٍ كبير يسلبها الطاقة، فتفتقد أحيانًا الرغبة في إنجازها.
إلا أن عشقها للخط العربي كان ينتصر دائمًا وكان المعين لها أمام هذه التحديات. وقد بان عشقها هذا بأبهى صورة حين تلقت عرضًا عام 2019 من دار فان كليف أند آربلز والمكتب الثقافي لسمو الشيخة منال بنت محمد آل مكتوم. تصف مريم التجربة قائلة: «كانت الأولى من نوعها في حوار طرح التمازج والتشابه، والتناغم بين فن المجوهرات وفن الخط العربي، فكان الحوار هو الانطلاقة الأولى لي كفنانة متحدثة والتجربة الأولى للدار مع الخط العربي».
أرادت دار المجوهرات العريقة استحداث نوع جديد من التواصل مع مجتمع المنطقة، فاقترحت مريم التركيز على القيم من خلال التزاوج بين قيم المجتمع المحلي الإماراتي وقيم وقصص الدار.
لم تكن التجربة سهلة، فقد وجب على المصممة الشغوفة دراسة قيم الدار، وأهم قصص الإلهام التي استوحيت منها قطعهم الفريدة، ومن ثم الحصول على موافقتهم النهائية على القيم التي تحولت فيما بعد للعمل الفني الموجود اليوم وهي: العائلة والاهتمام، الطيبة والعطاء، الإيجابية والنور، معًا مجتمع واحد، الحب والسعادة، الاتزان والتناغم.
كان هذا التعاون بين الدار الفرنسية خطوة أولى مهمة وضعت مريم في مقامٍ أهم على مستوى العالم، وأهميتها تكمن في الفرص التي رافقت هذا التعاون، وقد قالت مريم: «تمكنت من الإطلاع على تجارب عالمية، والتعرف على طرقهم الاحترافية في التصميم»، وأضافت: «بفضل هذا التعاون، خرجت إلى جمهور أوسع وتحدثت في مجال الفن، وعُرفت كفنانة في الخط العربي، واكتسبت الكثير من الثقة في قدرتنا على تغيير توجهات دور عالمية وإضافة بصمتنا».
تعاونها هذا فتح العين على اهتمام الغرب بالخط العربي وعلى إقبال غير العربيات على الحلى المزينة بالخط العربي. ولا عجب في الأمر، فالخط العربي يتفرد بجمالية خاصة عن بقية الحروف الأخرى وله خصوصيته ورونقه وسحرٌ أخّاذ في حروفه، وهذا أكثر ما جذب الغرب لجمال أشكال الحروف وتنوعها، وأكدت مريم على قدرة الخط العربي على جذب العين والإحساس فقالت: «أساليب الحرف العربي المختلفة يمكنها أن تولّد حالة شاعرية دونما تمييز بين جنس أو ثقافة أو ديانة».
كغيره من المجالات، تعتقد مريم البلوشي أن الخط العربي يمرّ ببعض التحديات، بينها قلة أماكن التعليم، والأماكن المخصصة لتوفير الأدوات، وندرة الأكاديميات التي تعلم التقنيات الحديثة التي تخدم الخط العربي، وقد قالت في هذا الصدد: «تعلّم الكثير من الزملاء الخط العربي بمجهود شخصي، لا بل ابتكر بعضهم مدرسته الخاصة، نظرًا لشغفهم وتعطشهم للتعلم.» وهي لا تجد في الابتكار عيبًا أو انتقاصًا من قيمة الخط العربي، فبرأيها يمكن للخطاط الخروج من جماليات الحرف العربي إلى خطوط أخرى من خياله. وهنا يكمن التميز والإبداع عند ابتكار منحنيات وخطوط جديدة ليتمكن الخطاط من كسر القواعد والأصالة وصنع صورة مبهرة.
ورفضت مريم البلوشي القول إن كونها امرأة جعلها تواجه تحديات، بل أشارت إلى أن المرأة قادرة دائمًا على تحقيق ما تطمح إليه شرط التحلي بالثقافة والاستقلالية، وقد قالت: «يجب على النساء التحلي بالمهارات التي تساعدهن على إبراز أنفسهن، والتركيز على المتعة في هذه الرحلة، وتقدير أنفسهن، والشعور بقيمتهن العالية».
أمام واقع هذا الفن العريق، لا تستغرب مريم أن يعزف الشباب عن الخط العربي، وقد أشارت إلى أهمية وضع منهجيات لتعليمه مجددًا في المدارس، وترسيخه في حياة الطفل منذ سنينه الأولى لتعزيز ارتباطه به كهوية؛ فالحرف العربي أولًا جزء لا يتجزأ من تاريخنا وحضارتنا.
تلقي مريم البلوشي بعض اللوم أيضًا على التكنولوجيا في ما آل إليه الخط العربي اليوم. فقد أخذت الخط العربي إلى منحى تجاري، فابتعد عن الأصالة وفقد قيمته العليا، وقد قالت: «تعدّت التكنولوجيا على أصول الخط العربي. ألاحظ عزوفًا عن الخط العربي بين الأجيال الجديدة. إلا أن الجميع ينسى أن التكنولوجيا سلاح ذو حدين، يخدم الفنان من جهة فيختصر عليه الكثير من الوقت في التصميم والإخراج، وإن كنت شخصيًا حتى اليوم لم أدخلها في تصميم أعمالي، ويحرمه من جهة أخرى من متعة استخدام الأدوات الطبيعية كالقلم والورق في التصميم. فحياة المسودات تزخر بمشاعر لا يمكن للتكنولوجيا أن تعبر عنها».
وللفت نظر الجيل الجديد إلى الخط العربي، ترى مريم أن المعارض وسيلة مهمة لكي يتعرف الجمهور على أعمال الخطاطين، وفهم ما يقدمه هؤلاء من فن راقٍ، والوقوف على تطوّر أساليبهم مع الوقت، كما تساهم في التطوير الفكري والإبداعي، وخلق جوٍ من الاستمرارية والتعلم. وتطرقت كذلك إلى فكرة إنشاء مبانٍ مزدانة بالحروف العربية في الإمارات، لكنها شددت على أهمية أن تكون بشكلٍ مدروس، بحيث تعكس الخط العربي الأصيل بعيدًا عن العشوائية حفاظًا على قيمة الحرف العربي ووزنه وأصالته وأسسه وجمالياته.
تعترف مريم البلوشي بعد مرور سنوات طويلة زاخرة بالأعمال والرؤى أن أعمالها تطورت كثيرًا في الآونة الأخيرة، فأصبح الكم آخر ما يشغلها وانصب كل تركيزها على القصة، وأشارت: «أطمح لفكر متفرد وفلسفة خاصة في لوحاتي في الشكل واللون وحتى الحجم».
تحلم مريم اليوم بمشروع خاص يحكي قصة وطنها وقادته من خلال عمل فني قصصي متفرد بأسلوبها وكتابتها وتصميمها، بحيث يكون رمزًا في الفن مُطعمًا بعمارة فنية خاصة.
المزيد من الأخبار
تعرفي على أفضل نسبة دهون في الجسم وحافظي على لياقتكِ البدنية
مسلسل "القلب الأسود" سيبدأ تصويره قريباً في تركيا ومن بطولة إيجه أوسلو
اكتشفوا جمال يوليو في السعودية مع المغامرة والحماس!
تعرفي على أهم المعلومات عن اليوغا والبيلاتس للرشاقة وأسلوب الحياة الصحي
تجربة شخصية في هذا الفندق الفاخر الذي يجمع بين البساطة والرفاهية في الوقت ذاته
تعرفي على تسعة أسماء تشارك للمرة الأولى في الأولومبياد
إليكِ أفضل خطط وجبات صحية في دبي لإنقاص الوزن والتخلص من السموم
مشاهير آباء مع أطفالهم.. لن تتوقعي مدى ارتباطهم بالحياة الأسرية
قد يهمكِ أيضاً
