حوار خاص مع مصمم الأحذية العالمي جيانفيتو‭ ‬روسي: حكاية إرث تتناقله الأجيال

جيانفيتو روسي، مصمم أحذية إيطالي حجز بموهبته مكانًا بين النجوم، دمج بين الحرفية الإيطالية والابتكار ليقدم قطعًا تفيض أنوثة وأناقة بأسلوبٍ مميز وراقٍ لا يتأثر بمرور الزمن، فباتت علامته رائدة في عالم الأكسسوار العالمي. من مقره في سان ماورو باسكولي، يقدم روسي للعالم إبداعاته الفريدة التي أصبحت الخيار الأول للمرأة العصرية التي تهوى التألق.

شكّل عالم صناعة الأحذية جزءًا مهمًا من حياة روسي، فامتلأت ذاكرته بالكثير من القصص والذكريات التي لا تزال ترافقه حتى يومنا هذا. ولعلّ الذكرى الأقرب لقلبه هي تلك المرتبطة بالسهر طوال الليل لإنهاء العمل، وقد غاص في ذاكرته إلى سنين عمله الأولى وقال: «بعد أن تجهز المجموعات، كنا نمضي ليلتنا الأخيرة حتى ساعات الصباح الأولى في المصنع لوضع اللمسات الأخيرة وإنجاز المهمة على أكمل وجه. وعلى الرغم من الإرهاق، كانت رؤية المجموعة الجديدة تبصر النور أمام أعيننا تستحق كل ذلك العناء».

نشأة جيانفيتو روسي

لقد كان جيانفيتو روسي محظوظًا بنشأته في مصنع والده. فقد تمكّن من مراقبته وهو يعمل مع الفريق وتبيّن له كم من الدقة والتأني يتطلب الوصول إلى نموذج مميز لا يفنى. فكان يسعى جاهدًا لمواكبة كل تطور وضمان إنتاج مجموعات باستخدام أجود المواد فقط، وإعطاء كل مرحلة من مراحل التصنيع الوقت الكافي الذي تحتاجه. يتحدث روسي عن والده فيقول: «قربي من والدي، علّمني الكثير في الحياة وعن المهنة. علمني أسرار التجارة، وكذلك المعرفة الحقيقية التي يحتاجها الحرفي». ولعلّ أثمن درس تعلّمه جيانفيتو روسي من والده هو السعي المستمر إلى تحقيق الأفضل على الإطلاق في الجودة، وعدم القبول أبدًا بأي شيء أقل من ذلك. وهذا ما يميز علامته التجارية حتى الآن. 

جيانفيتو روسي إرث‭ ‬من‭ ‬الدقة‭ ‬وتصاميم‭ ‬لا‭ ‬تفنى‭ ‬

وبعيدًا عن اسم والده، قرّر جيانفيتو روسي أن يشق طريقه في هذا العالم، وافتتح علامته التجارية، التي ارتقى بها إلى ما يمثل أفضل معايير الجودة والحرفية الإيطالية. فاتبّع قواعد صارمة تتعلق بالبساطة والحداثة والأصالة، وهي الركائز الأساسية لعلامته التجارية والنظرة المستقبلية التي لا تزال تحفزه حتى اليوم بشهادة عملائه في جميع أنحاء العالم. وقد اعتاد المصمم الإيطالي الاعتقاد بأن النهج الذي يتبعه وفريق عمله في تطوير المنتجات يشبه «المشغل»، حيث كل شيء مميز، ولا مكان لشيء إلا الكمال. وهذا يتطلب الكثير من الوقت، فالكمال هو الجوهر الفعلي للرفاهية، ويشرح روسي قائلًا: «أريد أن تشعر النساء اللواتي ينتعلن أحذيتي بالفخامة الخالصة، وبأنهنّ حصلن على أفضل ما في الصناعة اليدوية الإيطالية».

النجمة نيكول كيدمان ترتدي صندل بورتوفينو التصميم الأيقوني لجيانفيتو روسي

وعلى الرغم من النجاحات الكثيرة التي حققها، إلّا أن جيانفيتو روسي لا يزال يعتقد أنّه لم يصل إلى مستوى النجاح الذي يرنو إليه. فهو لا يزال يبحث عن تصميمات أفضل لضمان استمراريته. كما يحاول إنشاء أنماط متطورة ومبتكرة كل يوم، لضمان حصول عملائه على منتج مميز حقًا. ولطالما سعى جيانفيتو إلى تعزيز مظهر المرأة وجعلها تشعر بجمالها في أي مناسبة وُجدت فيها، لذلك يردد دائمًا: «أصمم أحذية تشعر النساء عندما ينتعلنها بالأناقة وبأنهن جاهزات «للسجادة الحمراء في حياتهن اليومية».

تصميم بورتوفينو الأيقوني

عُرف جيانفيتو بموديلاته الكلاسيكية، إلّا أنّ صندل بورتوفينو، الذي صُمم لإبراز جسم المرأة لا من أجل أن يطغى على مظهرها، كان له أثر خاص في مسيرة المصمم حتى بعد مرور 10 أعوام على إصداره. فقد تحوّل إلى أيقونة تمثل جوهر رؤيته التي تجمع بين الأناقة والحداثة والأنوثة، ولا يزال يحتل مكانة مرموقة بين أفضل المبيعات للعلامة التجارية.

عرض هذا المنشور على Instagram

‏‎تمت مشاركة منشور بواسطة ‏‎Gianvito Rossi‎‏ (@‏‎gianvitorossi‎‏)‎‏

أمّا فكرة هذا التصميم، فترجع إلى العام 2014، عندما قام جيانفيتو روسي بإعادة طرح النموذج الأصلي لصندل بسيط من خلال إعادة هيكلة الجزء العلوي الأمامي وحزام الكاحل بنسب عصرية أكثر جرأة؛ فنجحت رؤيته هذه بإيصال هذا الحذاء إلى درجة الكمال في أسلوب كلاسيكي ومتميز.

كيندال جينر ترتدي تصميم بورتوفينو

ويعتبر المصمم الإيطالي محظوظًا، إذ إنّ العديد من نساء العائلات المالكة ينتعلن حذاء بورتوفينو من جيانفيتو روسي، وهو يُعد الخيار المفضل لدى الكثيرات منهن عند مرورهن على السجادة الحمراء. 

جيانفيتو روسي وابنته شركاء في الإبداع

استطاع جيانفيتو روسي مشاركة شغفه في التصميم مع ابنته صوفيا. فهي التي اعتادت زيارة مصنعه كل يوم وجعلت من ممرات المصنع ملعبها الخاص، فكانت تجلس بجانب والدها لترسم وتلوّن بينما ينكبّ هو على تصميم الأحذية. ومع مرور الوقت، اختارت مواصلة الإرث العريق الذي يحمله والدها، وآثرت العمل بنصائحه لتحقيق أهدافها. يتحدث روسي عن ابنته بفخر فيقول: «أرى من خلال عينيها عالمًا جديدًا ينكشف لي من منظورها بينما تكتسب هي وجهات نظر مختلفة من خلال عيني وتجربتي». وبعيدًا عن العمل، تربط جيانفيتو روسي بابنته علاقة أبوية قوية وهما يتشاركان بعض الاهتمامات مثل مشاهدة الأفلام والسفر، ويحبان قضاء أكبر وقت ممكن معًا.

استطاع‭ ‬جيانفيتو‭ ‬روسي‭ ‬مشاركة‭ ‬شغفه‭ ‬في‭ ‬التصميم‭ ‬مع‭ ‬ابنته‭ ‬صوفيا

وفي عصر تهيمن عليه الترندات والحيل، تسهم جودة التصميم التي يعتمدها روسي والتي ترتكز على الأصالة والحداثة والبساطة في إنشاء نمط «كلاسيكي»، يصبح عنصرًا أساسيًا يمكن التعرف عليه على الفور بين العلامات التجارية. ومع ذلك، فإن جيانفيتو روسي لا يحبذ التفكير كثيرًا في المستقبل، فهو يعيش في الحاضر ويبذل جهدًا يوميًا للتأكد من أن العلامة التجارية تستمر في النمو والتطور. ولا يزال يملك الكثير من الشغف والتعطش لهذه المهنة، ويأمل مع ابنته صوفيا تحقيق المزيد من الأهداف والطموحات التي تصب في مصلحة هذه العلامة التجارية المرموقة.